عرض مشاركة واحدة
قديم 21-11-2012, 04:41 AM   رقم المشاركة : 82
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


صيد الخاطر لابن الجوزي
- قف على باب المراقبة وقوف الحارس
واعجباً من عارف بالله عز وجل يخالفه و لو في تلف نفسه .
هل العيش إلا معه ؟ هل الدنيا و الآخرة إلا له ؟
أف لمترخص في فعل ما يكره لنيل ما يحب .
تالله لقد فاته أضعاف ما حصل .
أقبل على ما أقوله يا ذا الذوق ، هل وقع لك تعثير في عيش ؟
و تخبيط في حال ؟ إلا حال مخالفته :
و لا إنثنى عزمي عن بابكم إلا تعثرت بأذيالي
أما سمعت تلك الحكاية عن بعض السلف أنه قال :
رأيت على سور بيروت شاباً يذكر الله تعالى فقلت له : ألك حاجة ؟
فقال : إذا وقعت لي حاجة سألته إياها بقلبي فقضاها .
يا أرباب المعاملة ، بالله عليكم لا تكدروا المشرب ، قفوا على باب
المراقبة وقوف الحراس ، و ادفعوا مالاً يصلح أن يلج فيفسد ،
و اهجروا أغراضكم لتحصيل محبوب الحبيب ، فإن أغراضكم تحصل .
على أنني أقول أف لمن ترك بقصد الجزاء : أهذا شرط العبودية ، كلا ؟
إنما ينبغي لي إذا كنت مملوكاً أن أفعل ليرضى لا لأعطى .
فإن كنت محباً رأيت قطع الأرباب في رضاه وصلاً .
اقبل نصحي يا مخدوعاً بغرضه ، إن ضعفت عن حمل بلائه فاستغث به ،
و إن آلمك كرب اختياره فإنك بين يديه ، و لا تيأس من روحه و إن قوي
خناق البلاء ، بالله إن موت الخادم في الخدمة حسن عند العقلاء .
إخواني لنفسي أقول ، فمن له شرب معي فليتردد :
أيتها النفس لقد أعطاك ما لم تأملي ، و بلغك ما لم تطلبي ،
و ستر عليك من قبيحك ما لو فاح ضجت المشام ،
فما هذا الضجيج من فوات كمال الأغراض ؟
أمملوكة أنت أم حرة ؟ أما علمت أنك في دار التكليف ،
و هذا الخطاب ينبغي أن يكون للجهال ، فأين دعواك المعرفة ؟
أتراه لو هبت نفحة فأخذت البصر ، كيف كانت تطيب لك الدنيا ؟
وا أسفاً عليك لقد عشيت البصيرة التي هي أشرف ،
و ما علمت كم أقول عسى و لعل ؟ و أنت في الخطأ إلى قدام .
قربت سفينة العمر من ساحل القبر ، و ما لك في المركب بضاعة تربح .
تلاعبت في بحر العمر ريح الضعف ، ففرقت تلفيق القوى ،
و كأن قد فصلت المركب ، بلغت نهاية الأجل و عين هواك تتلفت إلى الصبا .
بالله عليك لا تشمتي بك الأعداء ، هذا أقل الأقسام ، و أوفى منها ،
أن أقول : بالله عليك لا يفوتنك قدم سابق مع قدرتك على قطع المضمار .
الخلوة ، الخلوة ، و استحضري قرين العقل ، و جولي في حيرة الفكر ،
و استدركي صبابة الأجل ، قبل أن تميل بك الصبابة عن الصواب .
اعجباً كلما صعد العمر نزلت ، و كلما جد الموت هزلت .
أتراك ممن ختم له بفتنة ، و قضيت عليه آخر عمره المحنة ،
كان أول عمرك خيراً من الأخير .
كنت في زمن الشباب أصلح منك في زمن أيام المشيب
و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون .
نسأل الله عز وجل ما لا يحصل مطلوبنا إلا به ،
و هو توفيقه إنه سميع مجيب .






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس