عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2012, 09:03 PM   رقم المشاركة : 1
ملكة الرومنس
( مشرفة العام والمكتبه الادبيه )
 
الصورة الرمزية ملكة الرومنس
*,’الاستراتيجيات التعليمية الفعالة كأداة تربوية فعالة ’,*

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





مقدمة:
تشهد الأيام الأخيرة، اتساعاً في الفجوة بين احتياجات الطلاب التعليمية-التربوية، وبين قدرات المعلمين المهنية، على مواكبة التغييرات الحضارية السريعة. حيث تزداد الحاجة إلى توظيف العديد من الوسائل والأساليب والاستراتيجيات التربوية الحديثة، للسعي نحو تطوير مهارات الطلاب على التفكير والبحث والنقد والاصغاء والانضباط، إلى الحد الأقصى الممكن. ومن أجل الوصول إلى المرحلة المرجوة؛ فعلى المعلم تطوير مهاراته في كافة المجالات التربوية، والاتجاهات المتعلقة بسبر أعماق الطلاب ومعرفة أرقى السبل للوصول إلى عقولهم وقلوبهم. لقد غدت المسيرة التعليمية، في عصرنا هذا، مشروعاً إنسانياً طويل الأمد، يحتاج إلى تحريك طاقات العلم والبحث والإبداع الداخلية للطالب، من أجل مدِّه بالدافعية والرغبة لتحقيق ذاته. ومع ذلك، فإن الاتجاه التربوي السائد في العديد من المؤسسات التربوية الحالية، ما زال يعتمد على طرق التلقين والتعليم التقليدية، التي تقلل من شأن الطالب، وتصنع منه متعلماً إتكالياً سلبياً، ينتظر دوره دوماً للمشاركة، وفي الوقت الذي يحدده المعلم، ووفقاً لما يراه. وقد يؤدي هذا، إلى كبت مواهبه، وإطفاء الشعلة الإبداعية لديه.
أن مصادر المعرفة والعلم المتوفرة للطلاب في هذه الأيام، متنوعة ووفيرة، ويمكن الوصول إليها بطرق سهلة وجذابة، دون الاعتماد على المعلم للحصول عليها. لذا لم يعد دور المعلم الهام، مقتصراً على توصيل المعلومات فقط؛ بل يتعدى ذلك بكثير. إذ أنه صار مسئولاً عن بناء شخصية الطالب الباحث والمفكر والناقد والمستقل؛ الذي يستطيع الوصول إلى المعلومات وتوسيع آفاقه ذاتياً.
يهدف هذا المقال إلى إلقاء الضوء على إحدى المهارات الهامة جداً، في مهنة المعلم. ألا وهي الاستراتيجيات التعليمية، وطريقة توظيفها كأداة تربوية فعّالة ومؤثرة، لمساعدة الطالب على التفكير والتعلم والتقدم على جميع الأصعدة الإنسانية والفكرية والاجتماعية. حيث سيتم التطرق إلى أهم العوامل المسئولة عن توفير الجو التعليمي الملائم، والأشكال المختلفة للإستراتيجيات، وكذلك طريقة اختيارها من قبل المعلم.
ما هي الاستراتيجيات التعليميّة؟
بداية وقبل التعمق في طريقة استخدام الاستراتيجيات التعليمية، لا بد من التطرق إلى ماهية الاصطلاح. حيث يقصد بالاستراتيجية التعليمية (Teaching Strategy) هو، كل ما يتعلق بأسلوب توصيل المادة للطلاب من قبل المعلم لتحقيق هدف ما، وذلك يشمل كل الوسائل التي يتخذها المعلم لضبط الصف وإدارته؛ هذا وبالإضافة إلى الجو العام الذي يعيشه الطلبة والترتيبات الفيزيقية التي تساهم بعملية تقريب الطالب للأفكار والمفاهيم المبتغاة. تعمل الاستراتيجيات بالأساس على إثارة تفاعل ودافعية المتعلم لاستقبال المعلومات، وتؤدي إلى توجيهه نحو التغيير المطلوب. وقد تشتمل الوسائل، أو الطرائق أو الإجراءات التي يستخدمها المعلم، على طريقة الشرح التلقيني (المواجهة)، أو الطريقة الإستنتاجية أو الاستقرائية؛ أو شكل التجربة الحرة أو الموّجهة .. الخ، من الأشكال التقليدية أو الحديثة المقبولة (Eggen, 1979; Derry, 1989; Lovitt, 1995; Mastropieri & Scruggs, 1994).
كما ويؤكد ديري (Derry,1989)، أَنّ الخطة التي يقوم بها المعلم لتنفيذ هدف تعليمي، هي الاستراتيجية التعليمية؛ وقد تكون الاستراتيجية سهلة أو مركبة. كما وأنَّ الاستراتيجيات التعليمية تعتمد على تقنيات ومهارات عدة، يجب أن يتقنها المربي، عند توجهه للعمل الميداني مع المتعلمين. وقدرة المعلم على توظيف الاستراتيجية يعني أيضاً، معرفة متى يتم استخدامها، ومتي يتم استخدام غيرها أو التوقف عنها.
هذا، وتشمل الاستراتيجيات التعليميّة، قدرات المعلم على توزيع الوقت بالشكل السليم لتوصيل المادة، والانتقال بين الفعاليات بشكل انسيابي، ومثير للتلاميذ. وبالإضافة إلى ذلك، فهي تشمل الإجراءات المتعلقة بكيفية توزيع أماكن الطلبة وشكل الجلوس. فمثلاً، لو أرادت المعلمة سرد قصة على طلابها، فبإمكانها عندئذ، فرش سجادة إذا تواجدت، وتعمل على اجلاس الطلاب عليها حتى يتمكنوا من مشاهدة القصة وصورها عن قرب. أمّا إذا كانت القصة، عبارة عن لوحات كبيرة، يتم عرضها عن طريق جهاز الرأس المسلط (Over-head projector)، فبإمكان المعلمة أن تطلب من الطلاب البقاء بأماكنهم (Derry, 1989; Lovitt, 1995).
وجدير بالإشارة هنا، التنويه للخلط الذي يرتكبه المعلمين، ما بين الاستراتيجيات والوسائل التعليمية. إذ أن الوسيلة التعليمية (وسيلة الإيضاح)، هي الوسيلة، التي من خلالها، يبسط المعلم المفاهيم التعليمية، ومن خلال عرضها أمام الطلاب يجعل فهمها أسهل. كما وأنّ الوسيلة، هي أداة أو مادة يستعملها الطالب في عملية التعلم واكتساب الخبرات وإدراكها بسرعة، وتطوير ما يكتسب من معرفة بنجاح. ويستعملها المعلم لتتيح له جوا مناسباً للعمل بأنجح الأساليب، وأحدث الطرق للوصول بتلاميذه إلى الحقائق والتربية الأفضل بسرعة (أبو هلال، 1993). كما وأن الزيود (1993) يعرفها على أنها " كافة الوسائل التي يمكن الاستفادة منها في المساعدة على تحقيق الأهداف التربوية المنشودة من عملية التعلم، سواء أكانت هذه الوسائل تكنولوجية كالأفلام، أو بسيطة كالسبورة والرسوم التوضيحية، أو بيئية كالآثار والمواقع الطبيعية" (الزيود، 1993، ص145). مثلاً: عند عرض قصة معينة، فإن المعلمة تحضر قصة فعلية ملوّنة، أو مجموعة من اللوحات الملوّنة التي تمثل تتابع أحداث القصة، وتعرضها أمام الطلاب.