تم خبر حلف الفضول
هاشم يتولى الرفادة والسقاية و ما كان يصنع إذا قدم الحاج
قال ابن إسحاق: فولى الرفادة والسقاية هاشم بن عبد مناف ، وذلك أن عبد شمس كان رجلا سفارا قلما
يقيم بمكة ، وكان مقلا ذا ولد ، وكان هاشم موسرا فكان - فيما يزعمون - إذا حضر الحاج قام في قريش فقال : ( يا معشر قريش ، إنكم جيران الله وأهل بيته ، وإنه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله وحجاج بيته ، وهم ضيف الله ، وأحق الضيف بالكرامة ضيفه ، فاجمعوا لهم ما تصنعون لهم به طعاما أيامهم هذه التي لا بد لهم من الإقامة بها ، فإنه والله لو كان مالي يسع لذلك ما كلفتكموه ) . فيخرجون لذلك خرجا من أموالهم ،
كل امرئ يقدر ما عنده ، فيصنع به للحجاج طعاما حتى يصدروا منها .
أفضال هاشم على قومه
وكان هاشم فيما يزعمون أول من سن الرحلتين لقريش : رحلتي الشتاء والصيف . وأول من أطعم الثريد للحجاج بمكة ، وإنما كان اسمه عمرا ؛ فما سمي هاشما إلا بهشمه الخبز بمكة لقومه .
فقال شاعر من قريش أو من بعض العرب :
عمرو الذي هشم الثريد لقومه * قوم بمكة مسنتين عجافِ
سُنت إليه الرحلتان كلاهما * سفر الشتاء ورحلة الإيلاف
قال ابن هشام: أنشدني بعض أهل العلم بالشعر من أهل الحجاز :
قوم بمكة مسنتين عجاف *
المطلب يلي الرفادة والسقاية
قال ابن إسحاق: ثم هلك هاشم بن عبد مناف بغزة من أرض الشام تاجرا ، فولي السقاية والرفادة
من بعده المطلب بن عبد مناف ، وكان أصغر من عبد شمس وهاشم ، وكان ذا شرف في قومه وفضل ،
وكانت قريش إنما تسميه الفيض لسماحته وفضله
زواج هاشم بن عبد مناف
وكان هاشم بن عبد مناف قدم المدينة فتزوج سلمى بنت عمرو أحد بني عدي بن النجار ، وكانت
قبله عند أحيحه بن الجلاح بن الحريش .
قال ابن هشام: ويقال : الحريس - ابن جَحْجبى بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس .
فولدت له عمرو بن أحيحة ، وكانت لا تنكح الرجال لشرفها في قومها حتى يشترطوا لها أن أمرها
بيدها ، إذا كرهت رجلا فارقته .
ميلاد عبد المطلب و سبب تسميته باسمه
فولدت لهاشم عبد المطلب ، فسمته شيبة .فتركه هاشم عندها حتى كان وصيفا أو فوق ذلك ، ثم خرج إليه عمه المطلب ليقبضه فيلحقه ببلده وقومه ؛ فقالت له سلمى .لست بمرسلته معك ؛ فقال لها المطلب .إني غير منصرف حتى أخرج به معي ، إن ابن أخي قد بلغ ، وهو غريب في غير قومه ، ونحن أهل بيت شرف في قومنا ، نلي كثير من أمورهم ، وقومه وبلده وعشيرته خير له من الإقامة في غيرهم ، أو كما قال .وقال شيبة لعمه المطلب - فيما يزعمون - : لست بمفارقها إلا أن تأذن لي ، فأذنت له ، ودفعته إليه ؛ فاحتمله فدخل به مكة مردفه معه على بعيره ، فقالت قريش : عبد المطلب ابتاعه ، فبها سمي شيبة عبد المطلب . فقال المطلب : ويحكم !إنما هو ابن أخي هاشم ، قدمت به من المدينة .
وفاة المطلب و مما قيل فيه من الشعر
ثم هلك المطلب بردمان من أرض اليمن ، فقال رجل من العرب يبكيه :
قد ظمئ الحجيج بعد المطلبْ * بعد الجفان والشراب المنثغب
ليت قريشا بعده على نصب *
اسم عبد مناف وترتيب أولاده موتا
وكان اسم عبد مناف المغيرة ، وكان أول بني عبد مناف هلكا هاشم ، بغزة من أرض الشام ، ثم
عبد شمس بمكة ؛ ثم المطلب بردمان من أرض اليمن ثم نوفلا بسلمان من ناحية العراق .
قال ابن إسحاق: أبو الشعث الشجيات : هاشم بن عبد مناف .
عبد المطلب يلي السقاة والرفادة
قال : ثم ولي عبد المطلب بن هاشم السقاية والرفادة بعد عمه المطلب ، فأقامها للناس ، وأقام لقومه
ما كان آباؤه يقيمون قبله لقومهم من أمرهم ، وشرف في قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه ، وأحبه
قومه وعظم خطره فيهم .
ذكر حفر زمزم وما جرى من الخلف فيها
سبب حفر زمزم
ثم إن عبد المطلب بينما هو نائم في الحجر إذ أتي فأمر بحفر زمزم .
قال ابن إسحاق: وكان أول ما ابتدىء به عبدالمطلب من حفرها ، كما حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري
عن مرثد بن عبدالله اليزني عن عبدالله بن زرير الغافقي : أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى
عنه يحدث حديث زمزم حين أمر عبدالمطلب بحفرها ، قال:
قال عبدالمطلب: إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال : احفر طيبة ، قال :قلت: وما طيبة ؟ قال :
ثم ذهب عني . فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه ، فجاءني فقال : احفر برة . قال :فقلت :
وما برة ؟ قال : ثم ذهب عني ، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه ، فجاءني فقال :
احفر المضنونة . فقال : فقلت : وما المضنونة ؟ قال : ثم ذهب عني .
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه ، فجاءني فقال : احفر زمزم . قال : قلت:
وما زمزم ؟ قال : لا تنزف أبدا ولا تذم ، تسقي الحجيج الأعظم ، وهي بين الفرث والدم ،
عند نقرة الغراب الأعصم ، عند قرية النمل .