أُنْثَى الْقَصِيد
امرأة تشكلت خطى مواجعها
فوق أرجوحة المساء
في حسرة وعناء
أحرقت شموس الخوف أجفانها
وغرست راياتها العذراء سنابل عز
في رمس الذكريات العتيقة
حتى تهدلت أهدابها
وتعفرت بالغبار الكواحل
لترسم أكاليل دفء من جذوة الازدراء
وهى تعد المسافات بالأنملة
تأوه الدمع المسافر في محاق عينيها
بعد أن مات في اللحد ملح البكاء
وأقفل النحيب صوتها
لياليها باردة والمطر فيها هطال مديد
مكحولة بالسواد كلون الساج
الوغى فيها تركله أنياب الخديعة
وتخنقه عبرات النداء
والظلام داجٍ كلون اليرندح
على مرفأ الضياع الشريد
تقف أنثى القصيد
متشحة بزنار السقام جريحة
مقيدة الخطى بأعاصير الوهن
للود صادية
يهطل اللؤلؤ الحر من مآقيها
ليذيب مهجة الضباب
تشد ناصية الليل بغدائرها
ووجهها مرآة من بلور
ينحني لها النخيل شيخا هرماً
لتعلق صوتها على غصن غض من أفنانه
تتئد في أعماقها شمس الظهيرة
لتحرق تمرد النبض في أغوار وجدانها
ترقب في أزقة خواطرها
نجوم صباها المغطاة بمناديل الاكتئاب
علها تعثر على مجرة صوتها
في بوتقة عشق ذبيح
القمر موغل في عينيها
يغفو ويصحو على رصيف الأرق
في صدرها أزيز من نهج غدير
محملا بالضغن وألوان العذاب
يستيقظ الفجر من مضجع الليل
يلد الضياء خلف صدى مخمور
يخلع ثياب الظلمة
ويلقي بها على قارعة الصبح
ممتشقاً سياط الرهبة
وينام الشفق متوسداً زند السنون
تموء أمواج الخديعة السوداء
وينبت زغب في لوعة الحرمان
ألمح امرأة من ضباب
غضيضة الطرف
معصوبة الرأس
في عينيها أسوار وجد وأمل
ممشوقة الهامة
منتصبة القامة
ذوائب شعرها ريح
وفي وجنتيها ينبوع عسل
توارت أضواء أحلامها
في خابية الظنون
وتناثرت أشلاء أمانيها
فوق أقداح اليأس
بسيف الوجيعة قطعت خميصة ليلها
المبلولة بدموع الأسى
نسجت من سويعات النهار دغلاً
وخبأته في قاع الوجع
استوى بين عينيها وشم المرارات
حتى تبرعمت فوق صفحات الرمل أوصالها
وتدثرت في باطن الأنواء بالجمر دهراً
أبصرتها في حلمي
غزالة مكحولة بالدجى
مخضبة بلون الحبق
تعتصر الضياء من شمس محياها
وتغمس به جسدي
تسقيني الرحيق من نبيذ عينيها
وتداعب وجهي بأغصان الزنبق
ترفل بسنابل كفيها إلى صدري
وتزرع قبلة في جبيني
تتوسد برأسها أضلعي
وتكتب اسمينا على زندي
بتبر الغسق