السلآم عليكم ورحمة الله وبركاته
كانت الطفلة تشعر بأنها ألقيت عن عرشها بعد وصول أخيها الصغير.. وصارت مشاعر الغيرة تتملكها ..
فقالت لها أمها في إحدى الأمسيات.. سأروي لك قصة عن عائلتنا..
قامت وأحضرت شمعتين كبيرتين واثنتين صغيرتين .. أشعلت الشمعة الأولى وقالت لها: هذه أنا..
وهذه الشعلة هي حبي ..
وعندما تزوجت والدكـ (وأشعلت الشمعة الثانية) قالت لها: أعطيت كل حبي لبابا..
ثم أشارت إلى شمعتها وقالت: انظري .. ظل حبي بعدها كما هو..
بعدها جئت أنت إلى حياتنا.. وماما أعطتكـ كل الحب الذي عندها..وأشعلت الشمعة الثالثة الصغيرة .. أنظري.. لايزال كل الحب عندي ..
ثم أخذت شعلتها.. وقالت: وبعدها جاء أخوك الصغير.. وأعطيته كل حبي مرة أخرى ..
وأشعلت الشمعة الرابعة الأصغر حجما.. ثم أشارت إلى شمعتها وقالت: انظري مرة أخرى ..
لايزال عندي كل الحب.. ولاتزال شعلتي مضيئة .. هذه هي عائلتنا.. كلها شعلات مضيئات.
هكذا الحب يكبر شعلة بعد شعلة.. ويزيد في الخلق ما يشاء .. هذا قانون الكون ..
العطاء والتوسع.. والله يقول لنا " وإنا لموسعون ".. " وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ".. وهذا ذكرني بقصة صغيرة عن أم لطفلين.. وكيف فهمت الحب بطريقة مختلفة ..
في أحد الأيام جاءها ساعي البريد وأعطاها مظروفا لأطفالها.. مما جعلها تتساءل: إذا كان هوأيضا عنده أطفال .. فقال لها : عندي تسعة .. ذهلت.. !!
وقالت : أنا عندي اثنان وأشعر بأني لا ألحق عليهما.. فكيف تفعلون أنتم؟..
فقال لها: يا سيدتي الحب بالضرب وليس بالقسمة..
وهذه طبيعة الحب.. كلما أعطيت منه ازداد النور.. وكلما أضاء دفؤهـ زوايا مظلمة ..
وكما يقول الصينيون.. فأنت لن تستطيع محاربة الظلام .. أشعل شمعة ويختفي الظلام ..
)
(
(( وهكذا الحياهـ )) ..
نحن لسنا مطالبين بمحاربة الحقد.. لأن محاربة الحقد تزيد الحقد حقدا.. وتزرع الحقد فينا ..
ادفع بالتي هي أحسن يختفي الحقد .. " ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينكـ وبينه عداوة كأنه ولي حميم" ..
هو قانون بسيط يشكل لب القرآن.. ولب كل العقائد السامية والسماوية والمتسامية..
إن الحق قوي وإن الباطل ضعيف .. إن الحب قوي.. والبغضاء ضعيفة ..
إن العدل قوي ولكن الإحسان أقوى .. إن السيئة بمثلها في ميزان الكون بينما الحسنة بأضعافها ..
وفي الإحسان فإن الحساب مفتوح ..والله يضاعف لمن يشاء .. " وما جزاء الإحسان إلا الاحسان"..
نحن نريد أن يفتح الله أبواب محبته ورحمته علينا بينما نقتر نحن بالحب على من حولنا وعلى أنفسنا.. وهذا يذكرني بقصة الأعرابي الذي صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
فقال : اللهم ارحمنا أنا ومحمدا ولا ترحم أحدا معنا.. فضحك الرسول (صلى الله عليه وسلم) كثيرا..
ثم قال بلطف : لقد حجرت واسعا..
ونحن الآن مثل هذا الأعرابي .. نريد أن نضيق على الجميع ..فضيق الله علينا..
لأن هذا هو قانون الكون .. ما تتمناهـ لأخيكـ يعيدهـ الكون صدى واقعا في حياتكـ ..
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"..
" ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير"..
وفي سورة البلد نجد هذا التحدي أمام الإنسانية.. هذه العقبة التي إذا اقتحموها تحرروا..
" فلا اقتحم العقبة.. وما أدراكـ ما العقبة..؟ "
والقرآن الكريم يوضح تماما هذا المعنى الإنساني المتوسع.. وماذا يعني اقتحام العقبة..؟
هو " فكـ رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة.. يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة"..
هذا هو الحب.. يبدأ صغيرا من العائلة.. ويتوسع إلى المجتمع والإنسانية ..
والذين يقتحمون هذه العقبة يدخلون رياضيات مختلفة..
جدول الضرب وليس القسمة ..
"أولئك أصحاب الميمنة"..