بسم الله الرحمن الرحيم
أعلن رئيسُ الوزراء البريطاني غوردون براون بداية الأسبوع أنه سيرفض العلاوة على مرتبه هذه السنة، تضامنا مع الشعب البريطاني الذي يكافح الغلاء المعيشي يوميا، وطلب أيضا وزراؤه رفض العلاوة السنوية التي تبلغ 1.5 % من مرتباتهم.
وهكذا يبقى براون الذي يبلغ مرتبه سنويا 371.324 دولارا، في المرتبة الثانية من حيث المرتبات التي يتقاضاها رؤساء أوروبا، ويسبقه في المرتبة الأولى أوروبيا رئيس وزراء أيرلندا برايان كوين الذي يبلغ مرتبه الشهري 434 ألف دولار أمريكي، وذلك وفق ما نشرته جريدة "الشرق الأوسط" في أحد أعدادها هذا الأسبوع.
ويحل بعدهما -في المرتبة الثالثة أوروبيا- الرئيس الفرنسي ***ولا ساركوزي الذي يتقاضى 346 ألف دولار، بعد الزيادة التي طالب بها بُعيد انتخابه رئيسا والتي بلغت 140% والتي أثارت ضجة كبيرة داخل فرنسا، وخصوصا من المعارضة، وبرر ساركوزي الزيادة بالقول: إن مرتبه لا يزال أقل من ***** بريطانيا وأيرلندا؛ إلا أن هذه الزيادة دفعت بالرئيس الفرنسي إلى المرتبة الثالثة أوروبيا، فيما دفع بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى المرتبة الرابعة بمرتب يبلغ 318 ألف دولار سنويا.
وإذا كنت تعتقد أن الرئيس الأمريكي جورج بوش -رئيس أقوى اقتصاد في العالم- هو الذي يتصدر رأس القائمة عالميا ويتغلب على نظرائه الأوروبيين فأنت مخطئ؛ فالرئيس الأمريكي يتقاضى مبلغا أكبر من رئيس الوزراء البريطاني، ولكن أقل من رئيس الوزراء الأيرلندي، ويبلغ مرتبه السنوي 400 ألف دولار، ومن يتصدر المرتبة الأولى، هو رئيس وزراء سنغافورة لي هسيان لونغ، وبفارقٍ كبير، بمرتب يبلغ أكثر من مليوني دولار سنويا.
تتأثر بالفساد ومستوى المعيشة
قد تثير هذه الأرقامُ استغراب الكثيرين، وقد يظن البعض أن رئيس الولايات المتحدة هو من يجب أن يتصدر القائمة، كونه رئيس أقوى اقتصاد في العالم؛ إلا أنه إذا أخذنا أمورا عدة في الحسبان، فقد يبطل العجب وتصبح هذه الأرقام طبيعية.
ويقول الخبيرُ الاقتصادي اللبناني محمد **يب: إن رواتب الرؤساء لا تقاس استنادا إلى حجم اقتصاد الدول فقط؛ بل إلى مستوى المداخيل داخل كل دولة، واستنادا إلى القيم الثقافية داخل كل مجتمع، فبعض المجتمعات تعتبر أن منصب رئيس الجمهورية هو فخري، وهنا لا يتقاضى إلا مبلغا رمزيا، أما حين يضطلع الرئيس بمسؤوليات كبيرة ولا يكون منصبه فخريا، فيحصل على تعويض بـ"بدل مالي" جيد له.
وعادة ما يتقاضى الرؤساء -أو رؤساء الدول- مبالغ كبيرة في دولٍ ينتشر فيها الفساد، فيُعطى رأس الدولة مبلغا مرتفعا جدا للحد من قبوله الرشوة، ويقول **يب: إن سنغافورة هي نموذج في هذا الإطار، فسنغافورة هي بلد فيه فساد كبير، وفيه نشاط اقتصادي كبير جدا، وكل رئيس لديه إمكانيات أن يجمع ثروات طائلة عبر الفساد. وإذا أُعطي مرتبا جيدا، يخفف ذلك من احتمال أن يكون فاسدا. ويلعب مستوى المعيشة في البلدان دورا كبيرا هنا أيضا؛ فمستوى المعيشة في سنغافورة مثلا أعلى بكثيرٍ من مستوى المعيشة في الولايات المتحدة، وهي من بين أول 5 دول لناحية غلاء القدرة الشرائية فيها، وتدخل في الحساب أيضا الخدمات المقدمة إلى الرئيس، إضافة إلى معاشه، ففي الولايات المتحدة يتقاضى الرئيس مرتبه، ويحصل إضافة إلى ذلك على المسكن والنفقات وأمور أخرى كثيرة.
راتب الرئيس اللبناني
وفي لبنان مثلا، حيث يتقاضى الرئيسُ اللبناني مرتبا يبلغ 67200 دولار سنويا، إنما يحصل إضافة إلى ذلك على امتيازات أخرى كثيرة، فيقيم مثلا هو وعائلته في القصر الجمهوري، وتتكفل الدولة بدفع كل تنقلاته واتصالاته حتى الخاصة منها، ويمكنه إدخال سيارات أجنبية دون دفع رسوم جمركية عليها، وهي رسوم مرتفعة عموما.
فمرتبات ال***** مرتبطة إذن بالامتيازات الأخرى المقدمة لهم، وأحيانا تتعلق بشخص الرئيس وطباعه؛ فقد يقرر مثلا أن يسجل مصاريفه الشخصية على حساب الدولة، أو يفصلها.
فالرئيس الفرنسي السابق الجنرال شارل ديغول مثلا كان يضع خطا أحمر بين حياته الخاصة والعملية، فهو لم يصطحب أبدا طباخ قصر الإليزيه إلى منزله، كما أنه كان يدفع فاتورة الكهرباء في جناحه الخاص في القصر الرئاسي، ووضع عدادا فيه لهذه الغاية، وكان يُعرف عن الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران أنه كان يم** فواتير المطاعم بعد أن يدفعها كي يثبت لمدعويه أنه لا يسجلها على نفقات القصر، ولكن في المقابل كان مقربون منه يقيمون في شقق ملحقة بالإليزيه.