عرض مشاركة واحدة
قديم 25-04-2008, 12:00 AM   رقم المشاركة : 43
أسيرة الود
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية أسيرة الود





أول وآخر سرقة في حياتي




كنت في الصف الثاني الابتدائي .في بداية العام ..قامت رائدة فصلنا بتوزيع الكتب علينا وكان بين الكتب ماكان صفحاته بيضاء ناصعة وبعضها ضاربة إلى الصفرة كأنها صفحات قديمة أعجني اللون كثيرا .

وعند توزيع الكتب كان نصيبي منها ذات الصفحات البيضاء الناصعة وجارتي في المقعد كان كتاب القراءة من الكتب ذات الصفحات القديمة المظهر أردت أن أقلب صفحات كتابها والمسه لكنها تمسكت به ولم تمكنني من رؤيته ولمسه وزاد في تمنعها تحريض قريباتها اللواتي معها في نفس الصف .حزنت وتمنيت لو أنه لي لأتمتع بالقراءة فيه وزاد من أمنيتي في تملكه مكايدتهن بتقليب صفحاته أمام عيني وبجانبي دون مشاركتي لهن .

هن يقلبن صفحات الكتاب ورغبتي تزداد في لمسه وتقليب صفحاته .

انشغلن بعدها بالحديث بينهن ومنظر الكتاب يغريني بأخذه .وفي الحصة الأخيرة تركتنا معلمتنا لأمور خاصة بها في عملها .أخذ البنات يلعبن وأنا مشغولة بالكتاب انتهزت فرصة انشغالهن وأخذت الكتاب من حقيبة البنت ووضعته في حقيبتي وقلبي يرتجف مخافة أن يكتشف الأمر أحد التلميذات ويبلغن المعلمة لأنها كانت مخيفة جدا كثيرة الصريخ .

لم ينتبهن وذهبتُ إلى المنزل شاعرة بارتياح النجاة من انكشاف أمري ومعاقبتي .وصلت المنزل وخلعت حذائي وشرابي لوضعها في الغسيل عادة كانت الوالدة قد عودتنا إياها غسل الشراب فور وصولنا من مدرستنا ونشره ولا ننتظر أن تغسله هي أو العاملة .لم أخلع فستان المدرسة بعد ماهي الا ثواني وسمعت صوت والدي يناديني بصوت عالٍ وبعد ذلك سمعت والدتي تتحدث معه دخلت والدتي علي وقالت :أين حقيبتك ؟

ناولتها إياها قلبت الوالدة حقيبتي ووجدت الكتاب المسروق.

تفاجأت ونظرة إلي متسائلة :ماهذا ؟ كتاب من ؟

أجبتها بالحقيقة..نظرت إلي مذهولة : تسرقين ؟قلت : لا.! أردت قرائته وإعادته إليها .طلبتُ منها أن تريني إياه ورفضت .

أخذت والدتي الكتاب وأخفته وناولتني حقيبتي وقالت :لاتتفوهي بكلمة وأذهبي مع والدك .وعند عودتك سيكون حسابك معي عسير .

ذهبت مع والدي وقد كان منفعلا جدا كان كفي في يده يسحبني معه وكنت أركض كي ألحق خطواته ولا أقع .

كان يملك دكانا (بقالة صغيرة ).وعندما وصلنا وجدت تجمعا من الرجال والأولاد .كانت بعض الوجوه أعرفها والبعض الأخر أجهلها .

منهم أصحاب للوالد ومنهم جيران وبعض الأولاد الذين يلعبون في الحي .

انتزع الوالد حقيبتي وسكب مافي داخلها أمام التجمع .تناثرت كتبي ودفاتري على الأرض .انتزاع والدي لحقيبتي بقوة أشعرني بخوف شديد وزادني رعبا تناثر كتبي ودفاتري وجدال والدي مع الرجال الذي كانوا يرموني بنظرات شكك .ووجوههم يملأها الخذلان لعدم تحقيق رغبة كانوا يرجونها أمرني صاحب والدي بجمع كتبي ووضعها في حقيبتي وساعدني في ذلك وبعد أن انتهيت أمرني بالعودة إلى المنزل أما والدي كان في جدال حامي الوطيس مع مجموعة الرجال الذين فهمت أنهم أهل الفتاة التي سرقت كتابها.هل كل هذا من أجل كتاب سرقته ؟!

عدتُ إلى المنزل ووجدت والدتي في انتظاري تنتظر استفسار وتوضيح لفعلي ..سردت لها كل ما حصل وبختني وشددت في التوبيخ وتوعدتني بالعقاب إن عدت إلى ماعدت وبدأت توعظني بالاكتفاء بما قسم الرحمن وعدم مد النظر إلى ملك الغير ..أمرتني بإعادة الكتاب في صمت وهدوء إلى حقيبة الفتاة وعدم سرد مافعلت لأحد.

سألتها :هل سرقة كتاب يمكن توفره يستحق تلك الثورة من الرجال ؟

سكتت قليلا ثم قالت :يا ابنتي هؤلاء خصوم والدك وبينهم عراك طويل لاشأن لك به وسرقة الكتاب كانت فرصة لأذية والدك لأجل ذلك طلبت منك عدم إخبار والدك وأخفيت الكتاب لإرجاع كيدهم في نحورهم ولو كان غير ذلك لأخبرت والدك لتنالين عقابا قاسيا على سرقتك ..

شغل الكتاب فكري كثير حتى أنني استيقظت في منتصف الليل وأخذت في تقليب الكتاب..وفي المدرسة انتهزت فرصة غفلة التلميذات وانشغالهن واعدت الكتاب إلى حقيبة البنت

رب ضارة نافعة ..فالمشاكل التي كانت بين والدي وبين والد تلك الفتاة جعل من موضوع يعتبر تافه قياسا مع بقية موضوعات الحياة طامة كبرى ومشكلة عويصة لا لشئ سوى ما تحمله النفوس من أمور جعلت أحدهم يتصيد للآخر الزلة . فالموقف ثبت ما نُشئت عليه من عدم التعدي على حقوق الغير والرضا بما قسم الرحمن فكانت خير من وضع اعتقد منه الشر

((وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ))

سلمت يمين والدتي فقد كانت مربية لنا لاترضى الخطأ منا ولكن بالمقابل لاتسمح بأن تُكسر نفوسنا أو أن تجعل للغير مجالا في إذلالنا حتى ولو كنا مخطئين .



.

.






رد مع اقتباس