أقبل رمضان شهر السمو الروحي
أقبل رمضان شهر السمو الروحي
أقبَل رمضانُ شهر الانطلاق والانعتاق من ذُلِّ المعاصي، إلى رحاب الطَّاعة والانطلاق في عالَم العبادة الرَّحب الذي يحيي نفوسًا مواتًا. أقبَل رمضان شهر التَّآخي والوُدِّ، شهر كسرِ حواجزِ الانفصالِ بين النُّفوس البشريَّة، أقبل برحمةٍ من ربِّه خالقِ الكون الذي خلق البشر ليتعارفوا؛ فأقبل حاملًا أُسسَ التَّعارف التقيِّ النقيِّ. أقبل شهرُ تذوقِ زيارة المساجد وعمارتها بالذِّكر، أقبل شهر خفقِ القلوب مع تردُّد نغمات القرآن الكريم تطرب الرُّوح المشتاقة إلى نداء ربِّها، فهي حنَّت إلى ذلك الصوتِ بعد طول غيابٍ، أقبل الشهرُ الذي يصلُها بموطنها الذي نزلت منه إلى تلك الدُّنيا الضيِّقة، فبصوت ربِّها يتجلَّى موطنُها الذي لا تساويه دنيا ضيقةٌ بكلِّ ما فيها. أقبل الشهرُ الذي يزرعُ الأملَ والتَّفاؤل، ويربِّت على ذلك القلب الحزين أنِ اعلم أنَّ هذه الحياةَ متاعُ الغرور، وأن السِّباق إلى المغفرة والجنة التي عرضُها كعرض السَّماء والأرض، يخبرُك رمضانُ أن تكونَ ضمن هؤلاء الذين يمتنُّ عليهم اللهُ بفضل. أقبل رمضان شهرُ العطاء والصَّدقات التي تمنح مؤدِّيَها لذَّةً لا تسطيع جُلُّ اللغات أن تحتويَها، أقبَل والنفس راضيةٌ ترقى بحُبِّ الآخر الفقيرِ والمسكين والمحتاج، تميلُ إلى فطرتها التي فطرها اللهُ عليها ألا تنعزل عن الناس، بل أن تكون من النافعين لعيال الله. جاء شهرُ الدُّموع المطهِّرة المُنقية للرُّوح من غبار الغِيبةِ والنَّميمة، دموع تزرعُ فرحًا، وتزيل حزنًا، وتسمو بالأنفس، وترقى بالأرواح، وتطهِّر القلبَ فتجلو صورةَ الواقع، وأن كلَّ وسواسٍ يكسر القلبَ، ويزرع القنوطَ: يتحطم أمام تلك الدَّمعةِ الصادقة بين يدي ربٍّ كريم. أقبل الشهرُ الذي يُري البشرَ كيف تُكبَّل الشياطين، وتَعجِز عن منع المصلِّي من التَّواصل مع ربِّه في بيوته، أقبل شهرٌ يَصغَر فيه الشيطانُ، ويجعله منكسرًا ذليلًا رغم كِبْرِه القديم. أقبل شهر العزَّة؛ عزة أمةٍ تسجد سواسيةً، وتصومُ سواسيةً، وتُفطر سواسية، تُري العالَمَ أنَّ وحدتها ممكنةٌ، وقوتها واردة، وانبعاثها من الرماد لا يغادر مخيلة أبنائها. أقبلَ عارِضًا للأمة أواصرَ صلتها، محييًا في أبنائها أنهم دعاةُ خيرٍ للإنسانية، همُّهم أن يكون البشرُ متساوين، يجمعون طعامَهم ويوزعونه على غيرهم، يسجدون - كبيرُهم وصغيرُهم، غنيُّهم وفقيرهم - لربٍّ واحد، لا فضل في تلك السجدةِ إلا بدرجات التَّقوى التي لا يعلمها إلا الخالقُ الذي يُسجَدُ له. أقبل رمضانُ مذكِّرًا بأنَّ الزمنَ يمرُّ، وأنَّ كلَّ ما أنت فيه إلى زوالٍ صائرٌ، إلا تلك الحسنات التي تدوِّنها في صفحات الأيام... أتى رمضان مذكِّرا المحبَط أنَّ الفرصَ تُكرَّر، والعودةَ إلى السمو الرُّوحي لا تُغلَق في وجهها الأبواب. أقبل رمضان ليذكِّر الغافل بأن الرحيم سبحانه لا يطرُد طارقًا لبابه، وأنه يناديه كلَّ يومٍ: استغفِرْني أغفرْ لك، سَلْ تعطَ، ادعُني أستجبْ لك. أقبل رمضانُ مذكِّرًا بأنَّ السعادةَ في الرُّوح، وأنَّ طهارة الروح بالعبادة، وأن العبادةَ ترقى بها فوق المحسوس الطيني، وأعلى رقيٍّ يتحقق في هذا الشهر. فيا باغيَ الخير أقبِل؛ فهذا شهرُ الخير والسموِّ الرُّوحي قد أقبَل. |
اشكرك على كلامك الرائع
ابدعت |
يعطيج العافيه ع الطرح
جعله الله في ميزان حسناتج |
جزاك الله خيرا
وبارك فيك |
يعطيج العافيه ع الطرح القيم
بارك الله فيج وكل عام وانتي بخير ننتظر المزيد دوماا لاهنتي دمتي بود شمس القوايل |
الساعة الآن 02:45 AM. |